- قال سعيد بن عفير[1] عن أشياخه: لما جاز المسلمون الحصن يعني حصن مصر
أجمع عمرو على المسير إلى الإسكندرية، فسار إليها في ربيع الأول سنة عشرين،
وأمر بفسطاطه أن يقوَّض، فإذا بحمامة وقد باضت في أعلاه، فقال: لقد تحرمت
بجوارنا، أقرّوها الفسطاط حتى تطير فراخها. فأقرّوا الفسطاط، ووكّل به أن
لا تهاج حتى تشتد فراخها، فبذلك سُميت الفسطاط فسطاطًا[2]. -
قال محمد بن زكريا الغلابي[3]: شهدت عبد الله بن محمد ابن عائشة ليلة وقد
خرج من المسجد بعد المغرب يريد منزله، وإذا في طريقه غلام من قريش سكران
وقد قبض على امرأة، فجذبها، فاستغاثت، فاجتمع الناس عليه يضربونه، فنظر
إليه ابن عائشة فعرفه، فقال للناس: تنحوا عن ابن أخي. ثم قال: إليَّ يابن
أخي. فاستحي الغلام، فجاء إليه فضمَّه إلى نفسه، ثم قال له: امض معي. فمضى
معه حتى صار إلى منزله، فأدخله الدار، وقال لبعض غلمانه: بيته عندك، فإذا
أفاق من سكره فأعلمه بما كان منه، ولا تدعه ينصرف حتى تأتيني به. فلما
أفاق ذكر له ما جرى، فاستحيا منه وبكى، وهَمَّ بالانصراف؛ فقال الغلام: قد
أمر أن تأتيه. فأدخله عليه فقال له: أما استحييت لنفسك؟ أما استحييت
لشرفك؟ أما ترى من والدك؟ فاتق الله، وانزع عما أنت فيه. فبكى الغلام
منكِّسًا رأسه، ثم رفع رأسه، وقال: عاهدت الله تعالى عهدًا يسألني عنه يوم
القيامة أني لا أعود لشرب النبيذ، ولا لشيء مما كنت فيه وأنا تائب. فقال:
ادن مني. فقبَّل رأسه، وقال: أحسنت يا بني. فكان الغلام بعد ذلك يلزمه
ويكتب عنه الحديث[4]. --------------------------------------------------------------------------------[1]
سعيد بن عُفير أبو عثمان الأنصاري، مولاهم المصري. سمع: يحيى بن أيوب،
ومالكًا، والليث، وابن لهيعة، وسليمان بن بلال، ويعقوب بن عبد الرحمن،
وجماعة. وروى عنه: البخاري، وروى مسلم والنسائي عنه. انظر: الصفدي: الوافي
بالوفيات، باب أبو الغنائم الحلبي 5 76.[2] ابن الجوزي:
المنتظم 2 33.[3] محمد بن زكريا الغلابي، بالغين المعجمة،
واللام المخففة، والباء الموحدة بعد الألف البصري الخباري، هو في عداد
الضعفاء وابن حبان ذكر في الثقات، وقال: يعتبر حديثه إذا روى عن ثقة. وقال
الدار قطنى: بصري يضع.[4] الغزالي: إحياء علوم الدين 7 1236،
1237.السابق ص112، 113.