الدكتور حسان شمسي باشا
السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل
تبنيه نحلتان ، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه ، وكثيرون يسألون
كيف يصنعون السعادة في بيوتهم ، ولماذا يفشلون في تحقيق هناءة الأسرة
واستقرارها .
ولا شك أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين ، فلا
بد من وجود المحبة بين الزوجين. وليس المقصود بالمحبة ذلك الشعور الأهوج
الذي يلتهب فجأة وينطفئ فجأة ، إنما هو ذلك التوافق الروحي والإحساس
العاطفي النبيل بين الزوجين .
والبيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها ،
بل لا بد أن تتبعها روح التسامح بين الزوجين ، والتسامح لا يتأتى بغير
تبادل حسن الظن والثقة بين الطرفين .
والتعاون عامل رئيسي في تهيئة
البيت السعيد ، وبغيره تضعف قيم المحبة والتسامح . والتعاون يكون أدبياً
ومادياً . ويتمثل الأول في حسن استعداد الزوجين لحل ما يعرض للأسرة من
مشكلات ، فمعظم الشقاق ينشأ عن عدم تقدير أحد الزوجين لمتاعب الآخر ، أو
عدم إنصاف حقوق شريكه .
ولا نستطيع أن نعدد العوامل الرئيسة في تهيئة
البيت السعيد دون أن نذكر العفة بإجلال وخشوع ، فإنها محور الحياة الكريمة ،
وأصل الخير في علاقات الإنسان .
وقد كتب أحد علماء الاجتماع يقول : "
لقد دلتني التجربة على أن أفضل شعار يمكن أن يتخذه الأزواج لتفادي الشقاق ،
هو أنه لا يوجد حريق يتعذر إطفاؤه عند بدء اشتعاله بفنجان من ماء .. ذلك
لأن أكثر الخلافات الزوجية التي تنتهي بالطلاق ترجع إلى أشياء تافهة تتطور
تدريجياً حتى يتعذر إصلاحها " وتقع المسؤولية في خلق السعادة البيتية على
الوالدين ، فكثيراً ما يهدم البيت لسان لاذع ، أو طبع حاد يسرع إلى الخصام ،
وكثيراً ما يهدم أركان السعادة البيتية حب التسلط أو عدم الإخلاص من قبل
أحد الوالدين وأمور صغيرة في المبنى عظيمة في المعنى .
وهاك بعضاً من تلك الوصايا التي تسهم في إسعاد زوجك :
1.
لا تُهنْ زوجتك ، فإن أي إهانة توجهها إليها ، تظل راسخة في قلبها وعقلها .
وأخطر الإهانات التي لا تستطيع زوجتك أن تغفرها لك بقلبها ، حتى ولو
غفرتها لك بلسانها ، هي أن تنفعل فتضر بها ، أو تشتمها أو تلعن أباها أو
أمها ، أو تتهمها في عرضها .
2. أحسِنْ معاملتك لزوجتك تُحسنْ إليك ،
أشعرها أنك تفضلها على نفسك ، وأنك حريص على إسعادها ، ومحافظ على صحتها ،
ومضحٍّ من أجلها ، إن مرضتْ مثلاً ، بما أنت عليه قادر .
3. تذكر أن
زوجتك تحب أن تجلس لتتحدث معها وإليها في كل ما يخطر ببالك من شؤون. لا تعد
إلى بيتك مقطب الوجه عابس المحيا ، صامتا أخرسا ، فإن ذلك يثير فيها القلق
والشكوك .!!
4. لا تفرض على زوجتك اهتماماتك الشخصية المتعلقة بثقافتك
أو تخصصك ، فإن كنت أستاذا في الفلك مثلا فلا تتوقع أن يكون لها نفس
اهتمامك بالنجوم والأفلاك !!
5. كن مستقيما في حياتك ، تكن هي كذلك .
ففي الأثر : " عفوا تعف نساؤكم " رواه الطبراني . وحذار من أن تمدن عينيك
إلى ما لا يحل لك ، سواء كان ذلك في طريق أو أمام شاشة التلفاز ، وما أسوأ
ما أتت به الفضائيات من مشاكل زوجية !!
6. إياك إياك أن تثير غيرة زوجتك
، بأن تذكِّرها من حين لآخر أنك مقدم على الزواج من أخرى ، أو تبدي إعجابك
بإحدى النساء ، فإن ذلك يطعن في قلبها في الصميم ، ويقلب مودتها إلى موج
من القلق والشكوك والظنون . وكثيرا ما تتظاهر تلك المشاعر بأعراض جسدية
مختلفة ، من صداع إلى آلام هنا وهناك ، فإذا بالزوج يأخذ زوجته من طبيب إلى
طبيب !!
7. لا تذكِّر زوجتك بعيوب صدرت منها في مواقف معينة ، ولا تعـيِّرها بتلك الأخطاء والمعايب ، وخاصة أمام الآخرين .
8.
عدِّل سلوكك من حين لآخر ، فليس المطلوب فقط أن تقوم زوجتك بتعديل سلوكها،
وتستمر أنت متشبثا بما أنت عليه ، وتجنب ما يثير غيظ زوجتك ولو كان مزاحا .
9.
اكتسب من صفات زوجتك الحميدة ، فكم من الرجال ازداد التزاما بدينه حين رأى
تمسك زوجته بقيمها الدينية والأخلاقية ، وما يصدر عنها من تصرفات سامية
10.
الزم الهدوء ولا تغضب فالغضب أساس الشحناء والتباغض . وإن أخطأت تجاه
زوجتك فاعتذر إليها ، لا تنم ليلتك وأنت غاضب منها وهي حزينة باكية .
تذكَّر أن ما غضبْتَ منه - في أكثر الأحوال - أمر تافه لا يستحق تعكير صفو
حياتكما الزوجية ، ولا يحتاج إلى كل ذلك الانفعال . استعذ بالله من الشيطان
الرجيم ، وهدئ ثورتك ، وتذكر أن ما بينك وبين زوجتك من روابط ومحبة أسمى
بكثير من أن تدنسه لحظة غضب عابرة ، أو ثورة انفعال طارئة
11. امنح
زوجتك الثقة بنفسها . لا تجعلها تابعة تدور في مجرَّتك وخادمة منفِّذةً
لأوامرك . بل شجِّعها على أن يكون لها كيانها وتفكيرها وقرارها . استشرها
في كل أمورك ، وحاورها ولكن بالتي هي أحسن ، خذ بقرارها عندما تعلم أنه
الأصوب ، وأخبرها بذلك وإن خالفتها الرأي فاصرفها إلى رأيك برفق ولباقة .
12.
أثن على زوجتك عندما تقوم بعمل يستحق الثناء ، فالرسول صلى الله عليه وسلم
يقول : " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " رواه الترمذي .
13. توقف عن
توجيه التجريح والتوبيخ ، ولا تقارنها بغيرها من قريباتك اللاتي تعجب بهن
وتريدها أن تتخذهن مُثُلاً عليا تجري في أذيالهن ، وتلهث في أعقابهن
14.
حاول أن توفر لها الإمكانات التي تشجعها على المثابرة وتحصيل المعارف .
فإن كانت تبتغي الحصول على شهادة في فرع من فروع المعرفة فيسِّرْ لها ذلك ،
طالما أن ذلك الأمر لا يتعارض مع مبادئ الدين ، ولا يشغلها عن التزاماتها
الزوجية والبيتية . وتجاوبْ مع ما تحرزه زوجتك من نجاح فيما تقوم به
15.
أنصتْ إلى زوجتك باهتمام ، فإن ذلك يعمل على تخليصها مما ران عليها من
هموم ومكبوتات ، وتحاشى الإثارة والتكذيب ، ولكن هناك من النساء من لا
تستطيع التوقف عن الكلام ، أو تصبُّ حديثها على ذم أهلك أو أقربائك ، فعليك
حينئذ أن تعامل الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة
16. أشعر زوجتك بأنها في مأمن من أي خطر ، وأنك لا يمكن أن تفرط فيها ، أو أن تنفصل عنها
17.
أشعر زوجتك أنك كفيلٌ برعايتها اقتصاديا مهما كانت ميسورة الحال ، لا تطمع
في مالٍ ورثتْـهُ عن أبيها ، فلا يحلُّ لك شرعاً أن تستولي على أموالها ،
ولا تبخل عليها بحجة أنها ثرية ، فمهما كانت غنية فهي في حاجة نفسية إلى
الشعور بأنك البديل الحقيقي لأبيها .
18. حذار من العلاقات الاجتماعية غير المباحة . فكثير من خراب البيوت الزوجية منشؤه تلك العلاقات
19.
وائم بين حبك لزوجك وحبك لوالديك وأهلك ، فلا يطغى جانب على جانب ، ولا
يسيطر حب على حساب حب آخر . فأعط كل ذي حق حقه بالحسنى ، والقسطاس المستقيم
20.
كن لزوجك كما تحب أن تكونَ هي لك في كل ميادين الحياة ، فإنها تحب منك كما
تحب منها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : إني أحب أن أتزين للمرأة كما
أحب أن تتزين لي 21 . أعطها قسطا وافرا وحظا يسيرا من الترفيه خارج المنزل ،
كلون من ألوان التغيير ، وخاصة قبل أن يكون لها أطفال تشغل نفسها بهم .
22 . شاركها وجدانيا فيما تحب أن تشاركك فيه ، فزر أهلها وحافظ على علاقة كلها مودة واحترام تجاه أهلها
23.
لا تجعلها تغار من عملك بانشغالك به أكثر من اللازم ، ولا تجعله يستأثر
بكل وقتك، وخاصة في إجازة الأسبوع ، فلا تحرمها منك في وقت الإجازة سواء
كان ذلك في البيت أم خارجه ، حتى لا تشعر بالملل والسآمة .
24. إذا خرجت
من البيت فودعها بابتسامة وطلب الدعاء . وإذا دخلت فلا تفاجئها حتى تكون
متأهبة للقائك ، ولئلا تكون على حال لا تحب أن تراها عليها ، وخاصة إن كنت
قادما من السفر .
25. انظر معها إلى الحياة من منظار واحد ..وقد أوصى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء بقوله:" أرفق بالقوارير " رواه أحمد
في مسنده ، وقوله : " إنما النساء شقائق الرجال " رواه أحمد في مسنده ، و
قوله : " استوصوا بالنساء خيرا " رواه البخاري
26. حاول أن تساعد زوجك
في بعض أعمالها المنزلية ، فلقد بلغ من حسن معاشرة الرسول صلى الله عليه
وسلم لنسائه التبرع بمساعدتهن في واجباتهن المنزلية . قالت عائشة رضي الله
عنها : " كان صلى الله عليه وسلم يكون في مهنة أهله -يعني خدمة أهله- فإذا
حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة " رواه البخاري
27. حاول أن تغض الطرف عن
بعض نقائص زوجتك ، وتذكر ما لها من محاسن ومكارم تغطي هذا النقص لقوله صلى
الله عليه وسلم فيما رواه مسلم " لا يفرك ( أي لا يبغض ) مؤمنٌ مؤمنة إن
كرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر "
28 . على الزوج أن يلاطف زوجته
ويداعبها ، وتأس برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك : " فهلا بكرا
تلاعبها وتلاعبك ؟ " رواه البخاري ، وحتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وهو
القوي الشديد الجاد في حكمه - كان يقولم : " ينبغي للرجل أن يكون في أهله
كالصبي ( أي في الأنس والسهولة ) فإن كان في القوم كان رجلا " .
29. استمع إلى نقد زوجتك بصدر رحب ، فقد كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه في الرأي ، فلا يغضب منهن
30
. أحسن إلى زوجتك وأولادك ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم
خيركم لأهله " رواه الترمذي ، فإن أنت أحسنت إليهم أحسنوا إليك ، وبدلوا
حياتك التعيسة سعادة وهناء ، لا تبخل على زوجك ونفسك وأولادك ، وأنفق
بالمعروف ، فإنفاقك على أهلك صدقة . قال صلى الله عليه وسلم : " أفضل
الدنانير دينار تنفقه على أهلك … " رواه مسلم وأحمد